كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



واعلم: أن قول من قال من المالكية: إنه يجب بإحرام الحج، وأنه يجزئ قبله كما هو ظاهر قول خليل في مختصره الذي قال في ترجمته مبينًا لما به الفتوى: ودم التمتع يجب بإحرام الحج، وأجزأ قبله، قد اغتر به بعض من لا تحقيق عنده بالمذهب المالكي، والتحقيق أن الوجوب عندهم برمي جمرة العقبة، وبه جزم ابن رشد وابن العربي، وصاحب الطراز وابن عرفة، قال ابن عرفة: سمع ابن القاسم إن مات. يعني: المتمتع قبل رمي جمرة العقبة، فلا دم عليه.
ابن رشد: لأنه إنما يجب في الوقت، الذي يتعين فيه نحره، وهو بعد رمي جمرة العقبة، فإن مات قبله لم يجب عليه.
ابن عرفة: قلت: ظاهره لو مات يوم النحر قبل رميه: لم يجب، وهو خلاف نقل النوادر، عن كتاب محمد عن ابن القاسم، وعن سماع عيسى: من مات يوم النحر، ولم يرم فقد لزمه الدم، ثم قال ابن عرفة: فقول ابن الحاجب: يجب بإحرام الحج يوهم وجوبه على من مات قبل وقوفه، ولا أعلم في سقوطه خلافًا.
ولعبد الحق، عن ابن الكاتب، عن بعض أصحابنا: من مات بعد وقوفه، فعليه الدم. اهـ. من الحطاب.
فأصح الأقوال الثلاثة وهو المشهور: أنه لا يجب على من مات، إلا إذا كان موته بعد رمي جمرة العقبة، وفيه قول: بلزومه، إن مات يوم النحر قبل الرمي، وأضعفها أنه يلزمه، إن مات بعد الوقوف بعرفة. أما لو مات قبل الوقوف بعرفة، فلم يقل أحد بوجوب الدم عليه من عامة المالكية، وقول من قال منهم: إنه يجب بإحرام الحج لا يتفرع عليه من الأحكام شيء، إلا جواز إشعاره وتقليده، عليه فلو أشعره، أو قلده قبل إحرام الحج، كان هدي تطوع، فلا يجزئ عن هدي التمتع، فلو قلده، وأشعره بعد إحرام الحج، ثم أخر ذبحه إلى وقته: أنه يجزئه عن هدي التمتع، وعليه فالمراد بقول خليل: وأجزأ قبله أي أجزأ الهدي الذي تقدم تقليده، وإشعاره على إحرام الحج هذا هو المعروف عند عامة علماء المالكية.
فمن ظن أن المجزئ هو نحره قبل إحرام الحج، أو بعده قبل وقت النحر. فقد غلط غلطًا فاحشًا.
قال الشيخ المواق في شرحه: قول خليل: وأجزأ قبله ما نصه: ابن عرفة: يجزئ تقليده، وإشعاره بعد إحرام حجه، ويجوز أيضًا قبله على قول ابن القاسم. اهـ منه.
وقال الشيخ الحطاب في شرحه لقول خليل في مختصره: ودم التمتع يجب بإحرام الحج وأجزأ قبله ما نصه:
فإن قلت: إذا كان هدي التمتع إنما ينحر بمنى، إن وقف به بعرفة، أو بمكة بعد ذلك على ما سيأتي فما فائدة الوجوب هنا؟
قلت: يظهر في جواز تقليده، وإشعاره بعد الإحرام بالحج، وذلك أنه لو لم يجب الهدي حينئذ مع كونه يتعين بالتقليد، لكان تقليده إذ ذاك قبل وجوبه، فلا يجزئ إلا إذا قلد بعد كمال الأركان.
وقال الشيخ الحطاب أيضًا: والحاصل: أن دم التمتع والقران، يجوز تقليدهما قبل وجوبهما على قول ابن القاسم، ورواية عن مالك، وهو الذي مشى عليه المصنف. فإذا علم ذلك فلم يبق للحكم بوجوب دم التمتع بإحرام الحج فائدة تعم على القول، بأنه لا يجزئه ما قلده قبل الإحرام بالحج تظهر ثمرة الوجوب في ذلك، ويكون المعنى: أنه يجب بإحرام الحج، وجوبًا غير متحتم، لأنه معرض للسقوط بالموت، والفوات، فإذا رمى جمرة العقبة تحتم الوجوب، فلا يسقط بالموت. كما نقول في كفارة الظهار، أنها تجب بالعود وجوبًا، غير متحتم بمعنى أنها تسقط بموت الزوجة وطلاقها فإن وطئ تحتم الوجوب ولزمت الكفارة، ولو ماتت الزوجة، أو طلقها إلى أن قال: بل تقدم في كلام ابن عبدالسلام في شرح المسألة الأولى: أن هدي التمتع إنما ينحر بمنى، إن وقف به بعرفة، أو بمكة بعد ذلك إلى آخره، وهو يدل: على أنه لا يجزئ نحره قبل ذلك. والله أعلم ونصوص أهل المذهب شاهدة لذلك.
قال القاضي عبد الوهاب في المعونة: ولا يجوز نحر هدي التمتع والقران، قبل يوم النحر، خلافًا للشافعي لقوله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وقد ثبت أن الحلق، لا يجوز قبل يوم النحر، فدل على أن الهدي، لم يبلغ محله إلا يوم النحر، وله نحو ذلك في شرح الرسالة. وقال في التلقين: الواجب لكل واحب من التمتع والقران هدي ينحره بمنى، ولا يجوز تقديمه قبل فجر يوم النحر، وله مثله في مختصر عيون المجالس، ثم قال الحطاب رحمه الله: فلا يجوز الهدي عند مالك، حتى يحل، وهو قول أبي حنيفة وجوزه الشافعي: من حين يحرم بالحج. واختلف قوله فيما بعد التحلل من العمرة قبل الإحرام بالحج.
ودليلنا أن الهدي متعلق بـ التحلل، وهو المفهوم من قوله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ} اهـ منه.
وكلام علماء المالكية بنحو هذا كثير معروف.
والحاصل: أنه لا يجوز ذبح دم التمتع، والقران عند مالك، وعامة أصحابه قبل يوم النحر وفيه قول ضعيف، بجوازه بعد الوقوف بعرفة، وهو لا يعول عليه، أن قولهم: أنه يجب بإحرام الحج، لا فائدة فيه إلا جواز إشعار الهدي وتقليده بعد إحرام الحج، لا شيء آخر فما نقل عن عياض وغيره من المالكية، مما يدل على جواز نحره قبل يوم النحر كله غلط. إما من تصحيف الإشعار، والتقليد وجعل النحر بدل ذلك غلطًا، وإما من الغلط في فهم المراد عند علماء المالكية، كما لا يخفى على من عنده علم بالمذهب المالكي، فاعرف هذا التحقيق، ولا تغتر بغيره.
ومذهب الإمام أحمد في وقت وجوبه فيه خلاف، فقيل: وقت وجوبه، هو وقت الإحرام بالحج. قال في المغني: وهو قول أبي حنيفة، والشافعي. لأن الله تعالى قال: {فَمَن تَمَتَّعَ بالعمرة إِلَى الحج فَمَا استيسر مِنَ الهدي} [البقرة: 196] وهذا قد فعل ذلك، ولأن ما جعل غاية فوجود أوله كاف كقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام إِلَى الليل} [البقرة: 187] إلى أن قال: وعنه أنه يجب إذا وقف بعرفة. قال: وهو قول مالك، واختيار القاضي ووجه في المغني هذا القول، بأنه قبل الوقوف، لا يعلم أيتم حجه أو لا، لأنه قد يعرض له الفوات، فلا يكون متمتعًا، فلا يجب عليه دم، وذكر عن عطاء وجوبه برمي جمرة العقبة.
وعن أبي الخطاب يجب إذا طلع فجر يوم النحر، ثم قال في المغني: فأما وقت إخراجه فيوم النحر، وبه قال مالك، وأبو حنيفة: لأن ما قبل يوم النحر لا يجوز فيه ذبح الأضحية، فلا يجوز فيه ذبح هدي التمتع، ثم قال: وقال أبو طالب: سمعت أحمد قال في الرجل: يدخل مكة في شوال، ومعه هدي قال: ينحر بمكة، وإن قدم قبل العشر ينحره لا يضيع أو يموت أو يسرق. وكذلك قال عطاء: وإن قدم في العشر حتى ينحره بمنى، لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدموا في العشر، فلم ينحروا، حتى نحروا بمنى، ومن جاء قبل ذلك نحره عن عمرته، وأقام على إحرامه، وكان قارنًا. اهـ. محل الغرض منه. وسترى ما يرد هذا إن شاء الله تعالى.
وقال صاحب الإنصاف: يلزم دم التمتع، والقران بطلوع فجر يوم النحر على الصحيح من المذهب، وجزم به القاضي في الخلاف، ورد ما نقل عنه خلافه إليه وجزم به في البلغة، وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة، والتلخيص، والفروع، والرعايتين، والحاويين، وعنه يلزم الدم إذا أحرم بالحج، وأطلقهما في المذهب، ومسبوك الذهب وعنه يلزم الدم بالوقوف وذكره المصنف والشارح اختيار القاضي.
قال الزركشي: ولعله في المجرد وأطلقها، والتي قبلها في الكافي، ولم يذكر غيرها، وكذا قال المغني والشرح، وقال ابن الزاغوني في الواضح: يجب دم القران بالإحرام.
قال في الفروع: كذا قال، وعنه يلزم بإحرام العمرة لنية التمتع، إذ قال في الفروع: ويتوجه أن يبني عليها، ما إذا مات بعد سبب الوجوب، يخرج عنه من تركته.
وقال بعض الأصحاب: فائدة الروايات إذا تعذر الدم، وأراد الانتقال إلى الصوم، فمتى يثبت العذر فيه الروايات، ثم قال في الإنصاف: هذا الحكم المتقدم في لزوم الدم. وأما وقت ذبحه فجزم في الهداية، والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب، والخلاصة، والهادي، والتلخيص، والبلغة، والرعايتين والحاويين وغيرهم: أنه لا يجوز ذبحه قبل وجوبه.
قال في الفروع: وقال القاضي وأصحابه: لا يجوز قبل فجر يوم النحر، ثم ذكر صاحب الإنصاف، عن بعضهم ما يدل على جواز ذبحه قبل ذلك، وذكر رده، ورده الذي ذكر هو الصحيح.
ومن جملة ما رده به فعل النَّبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، لأنهم لم يذبحوا قبل يوم النحر قارنهم ومتمتعهم جميعًا، ثم قال: وقد جزم في المحرر والنظم، والحاوي، والفائق وغيرهم: أن وقت دم المتعة والقران: وقت دم الأضحية على ما يأتي في بابه، ثم قال: واختار أبو الخطاب في الانتصار يجوز له نحره بإحرام العمرة، وأنه أولى من الصوم، لأنه بدل، وحمل رواية ابن منصور بذبحه يوم النحر على وجوبه يوم النحر، ثم قال: ونقل أبو طالب إن قدم قبل العشر ومعه هدي: ينحره لا يضيع، أو يموت، أو يسرق. قال في الفروع وهذا ضعيف.
قال في الكافي: وإن قدم قبل العشر نحره، وإن قدم به في العشر لم ينحره، حتى ينحره بمنى استدل بهذه الرواية، واقتصر عليه. انتهى محل الغرض من الإنصاف.
وقد رأيت في كلامه أن الروايات بتحديد وقت الوجوب يبني عليها لزوم الهدي في تركته، إن مات بعد الوجوب، وتحقق وقت العذر المبيح، للانتقال إلى الصوم، إن لم يجد الهدى، لا أن المراد بوقت الوجوب استلزام جواز الذبح، لأنهم يفردون وقت الذبح بكلام مستقل، عن وقت الوجوب.
وأن الصحيح المشهور من مذهبه: أنه لا يجوز ذبحه قبل يوم النحر، واختيار أبي الخطاب: جواز ذبحه بإحرام المتعة.
ورواية أبي طالب: جواز ذبحه إن قدم به. قبل العشر كلاهما ضعيف لا يعول عليه، ولا يعضده دليل، والتعليل بخوف الموت والضياع، والسرقة منتقض بما إذا قدم به في العشر، لأن العشر يحتمل أن يموت فيها، أو يضيع، أو يسرق كما ترى والتحديد بنفس العشر، لا دليل عليه من نص ولا قياس، فبطلانه واضح لعدم اعتضاده بشيء غير احتمال الموت والضياع والسرقة، وذلك موجود في الهدي الذي قدم به في العشر، مع أن الأصل في كليهما السلامة، والعلم عند الله تعالى.
ومذهب الشافعي في هذه المسألة: هو أن وقت وجوب دم التمتع، هو وقت الإحرام بالحج.
قال النووي في شرح المهذب: وبه قال أبو حنيفة، وداود، وقال عطاء: لا يجب حتى يقف بعرفات.
وقال مالك: لا يجب حتى يرمي جمرة العقبة، وأما وقت جواز ذبحه عند الشافعية ففيه قولان:
أحدهما: لا يجوز قبل الإحرام بالحج، قالوا: لأن الذبح قربة تتعلق بالبدن، فلا تجوز قبل وجوبها، كالصلاة والصوم.
والقول الثاني: يجوز بعد الفراغ من العمرة لأ، ه حق مالي يجب بسببين، فجاز تقديمه على أحدهما، كالزكاة بعد ملك النصاب وقبل الحول، أما جواز ذبحه بعد الإحرام بالحج، فلا خلاف فيه عند الشافعية، كما أن ذبحه قبل الإحرام بالعمرة، لا يجوز عندهم، بلا خلاف.
وقد قدمنا نقل النووي، عن أبي حنيفة: أن وقت جوبه: هو وقت الإحرام بالحج، أما وقت نحره فهو عند أبي حنيفة، وأصحابه: يوم النحر فلا يجوز تقديمه عليه عند الحنفية، وإن قدمه لم يجزئه، وينبغي تحقيق الفرق بين وقت الوجوب، ووقت النحر، لأن وقت الوجوب إنما تظهر فائدته، فيما لو مات المحرم هل يخرج الهدي من تركته بعد موته، ويتعين به وقت ثبوت العذر المجيز للانتقال إلى الصوم، ولا يلزم من دخول وقت الوجوب، جواز الذبح.
ومن فوائد ذلك: أنه إن فاته الحج بعد وجوبه بالإحرام، عند من يقول بذلك، لا يتعين لزوم الدم. لأنه بفوات الحج انتفى عنه اسم المتمتع: فلا دم تمتع عليه، وإنما عليه دم الفوات. كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وإذا عرفت أقوال أهل العلم في وقت ذبح دم التمتع، والقران فدونك أدلتهم، ومناقشتها، وبيان الحق الذي يعضده الدليل منها.
اعلم: أن من قال بجوازه قبل يوم النحر: كالشافعية، وأبي الخطاب من الحنابلة، ورواية ضعيفة، عن أحمد: إن جاء به صاحبه قبل عشر ذي الحجة فقد احتجوا، واحتج لهم بأشياء. أما رواية أبي طالب عن أحمد: بجواز تقديم ذبحه، إن قدم به صاحبه، قبل العشر. فقد ذكرنا تضعيف صاحب الفروع لها، وبينا أنها لا مستند لها لأن مستندها مصلحة مرسلة مخالفة لسنة ثابتة.
وأما قول أبي الخطاب: إنه يجوز بإحرام العمرة، فلا مستند له من كتاب، ولا سنة ولا قياس. والظاهر: أنه يرى أن هدي التمتع له سببان، وهما العمرة والحج في تلك السنة، فإن أحرم بالعمرة انعقد السبب الأول في الجملة فجاز الإتيان بالمسبب، كوجوب قضاء الحائض أيام حيضها من رمضان، لأن انعقاد السبب الأول الذي هو وجود شهر رمضان كفى في وجوب الصوم، وإن لم تتوفر الأسباب الأخرى، ولم تنتف الموانع، لأن قضاء الصوم فرع عن وجوب سابق في الجملة، كما أوضحناه في غير هذا الموضع. ولا يخفى سقوط هذا، كما ترى. وأما الشافعية: فقد ذكروا لمذهبهم أدلة.
منها: أن هدي التمتع حق مالي، يجب بسببين: هما الحج، والعمرة.
فجاز تقديمه على أحدهما قياسًا، على الزكاة بعد ملك النصاب، وقبل حلول الحول.
ومنها: قوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بالعمرة إِلَى الحج فَمَا استيسر مِنَ الهدي} [البقرة: 196] قالوا: قوله: {فَمَا استيسر مِنَ الهدي} أي عليه ما استيسر من الهدي، وبمجرد الإحرام بالحج يسمى متمتعًا، فوجب حينئذ، لأنه معلق على التمتع: وقد وجد. قالوا: ولأن ما جعل غاية تعلق الحكم بأوله كقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام إِلَى الليل} [البقرة: 187] فالصيام ينتهي بأول جزء من الليل، فكذلك التمتع، يحصل بأول جزء من الحج وهو الإحرام.
ومنها: أن شروط التمتع وجدت عند الإحرام بالحج، فوجد التمتع، وذبح الهدى معلق على التمتع، وإذا حصل المعلق عليه حصل المعلق.
ومنها: أن الصوم الذي هو بدل الهدي عند العجز عنه، يجوز تقديم بعضه على يوم النحر، وهو الأيام الثلاثة المذكورة في قوله: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحج} [البقرة: 196] الآية وتقديم البدل، يدل على تقديم المبدل منه.
ومنها: أنه دم جبران، فجاز بعد وجوبه قبل يوم النحر كدم فدية الطيب واللباس.
ومنها: ظواهر بعض الأحاديث التي قد يفهم منها الذبح قبل يوم النحر، فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه في باب الاشتراك في الهدي.
وحدثني محمد بن حاتم حدثنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج، أخبرنا: أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن حجة النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي، ويجتمع النفر منا في الهدية» وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم في هذا الحديث. انتهى بلفظه من صحيح مسلم. وقال النووي في شرحه لهذا الحديث: وفيه دليل لجواز ذبح هدي التمتع، بعد التحلل من العمرة، وقبل الإحرام بالحج. وفي المسألة خلاف، وتفصيل إلى آخر كلام النووي.
ومن ذلك أيضًا ما رواه الحاكم في المستدرك: أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى بن إبراهيم، ثنا أحمد بن النضر بن عبد الوهاب، ثنا يحيى بن أيوب، ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي عن محمد بن إسحاق، ثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد، وعطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: كثرت القالة من الناس، فخرجنا حجامًا، حتى لم يكن بيننا وبين أن نحل إلا ليال قلائل، أمرنا بالإحلال الحديث. وفيه: قال عطاء قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم يومئذ في أصحابه غنمًا فأصاب سعدَ بن أبي وقاص تيس فذبحه عن نفسه، فلما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة أمر ربيعة بن أمية بن خلف فقام تحت يدي ناقته فقال له النَّبي صلى الله عليه وسلم اصرخ أيها الناس، هل تدرون أي شهر هذا...» إلى آخر الحديث، ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وفيه ألفاظ من ألفاظ حديث جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جابر أيضًا، وفيه أيضًا زيادة ألفاظ كثيرة. اهـ. وأقره الحافظ الذهبي على تصحيح الحديث المذكور، وقوله في هذا الحديث: «فأصاب سعد بن أبي وقاص تيس فذبحه عن نفسه فلما وقف بعرفة» إلخ. قد يتوهم منه، أن ذبح سعد لتيسه كان قبل الوقوف بعرفة.